الجزء الثاني طبع في مطبعة شفيق سنة 1968 (الطبعة الاولى) اما الطبعة الثانية سنة 1988
في هذا الجزء امتداد فولكلوري للمضمون الذي اسعد قراء الجزء الاول وهي في مضمارها الراهن فتحت القلب للموروث الشعبي الذي كتمته بغداد بين جفونها ...ليندلع بعد النشر على الناس اقوالا وافعالا تثير الذكرى باسمة ودامعة من الروايا والمكامن ...وهذا الكتاب وما بين دفتيه من بغداديات انما هو بشير بغداديات لاساحل لها
بغداديات ستحمل الفوانيس وهي تدخل من ارحب الابواب الى جزء ثالث فرابع...فخامس حتى نهاية المطاف وحتى الفصل الاخير من تاريخنا الاجتماعي .....تاريخ الحياة الشعبية التي خفقت تحت سماء بغداد وتشابكت جذورها في تربة بغداد وتأصلت معالمها داخل اسوار بغداد
الزواق والتجميل
كانت البيت البغدادية لاتعرف من ادوات التجميل والزينة غير النظافة وتمشيط الشعر وضفر الكصايب , ولاتجرؤ على (حف) وجهها او استعمال التجميل الا بعد الخطوبة . اما المتزوجات فهن بعد الفراغ من انجاز متطلبات البيت كنسا وغسلا وطبخا يخلعن ملابس الشغل ويرتدين (نفانيف)العصر ....ويعدن تمشيط الشعر ويزروقن وجوههن بمواد الزينة. والتجميل لدى البغداديات انواع منها
التجميل اليومي --
ويشمل غسل الوجه واليدين بالماء والصابون وتمشيط الشعر وتجديل الكصايب -ووضع النونة بين الحاجبين وطلاء الوجه بالسبداج وصبغ الوجنتين باحمر الخدود وتكحيل العينين وفرك الاسنان والشفتين بالديرم ثم ارتداء بدلة نظيفة هي غبر بدلة الشغل
ضفر الكصـــايب -الضفائر --
يمشط الشعر بمشط الخشب (يصنع من خشب التوت -التكي- واحسن انواعه مايصنع في كربلاء والكاظمية ويسمى شمشار)بادىء الامر باسنانه الخشنة اذا كان (مجبن)ثم باسنانه الناعمة عدة مرات مع الاستعانة بالماء اذ يغمس المشط في طاسة الماء الخاصة بين اونة واخرى ليقوى على فك الشعر المشتبك مع بعضه وتقوم المرأة بعد ذلك بتنسيق الفرك من مقدم الرأس اى تقسم شعرها الى قسمين متساويين مستعينة بالمرأة .ثم تبدأبضفر الضفائر كما تشتهي .فهناك النخيلة وهي مجموعة من الضفائر مع كذلة فوق الجبين ويتوقف عدد الضفائر على ثخن الشعر وهذا الاسلوب خاص بالشابات وتستعين من تضفر شعرها على هذه الوتيرة بأمها او احدى اخواتها او قريباتها .اذ من الصعوبة انجاز ذلك بنفسها وبعد الانتهاء من ضفر كل ضفيرة تثبت قرديلة رفيعة في نهاية كل كصيبة حتى لا (تنفل)واذا لم تتيسر القرديلة تثبت مكانها شطيطة (قطعة قماش لايتجاوز عرضها اصبع واحدا وطولها حسب الحاجة)من الملابس القديمة او من فضلات الملابس الجديدة
اما الصبيات فتضفر لهن امهاتهن ضفيرة واحدة تتدلى على الظهر وفي نهايتها قرديلة عريضة نسبيا على هيئة وردة تسمى (افرمباغي) و تضفر المتزوجة التي تجاوزت الثلاثين من العمر ضفيرتين بعد ان تفرك شعرها من منتصف الرأس وتفرقه قسمين متساويين لتتدلى كل ضفيرة على جهة وعندما تكاد تنتهى من ضفر الكصيبة تفرد شيئا من الشعر لتجدله ضفيرة صغيرة تسمى (مكناسة)للحفاظ علىقوام الضفيرة الاصلية .اما النساء الغنيات فهن يعلقن الضفائر الذهب في نهاية كل كصيبة تنويها بالبذخ والترف لتتدلى الجديلتان فوق الظهر او امام الصدر او تتدلى احداهما من الامام والاخرى الى من الخلف
وفي اثناء الشغل تعقد الجديلتان فوق الرأس حتى لاتكونا سببا للاعاقة.ومن كان شعرها قصيرا لاتجد مناصا من ضفر كصبيتين عارية (مستعارة)تربطهما بشعرها من فوق الاذنين كل ضفيرة من جهة وتسمى المعلكه
وهناك زينة خاصة بالعرايس تتألف من تبه وزلوف وقد اتيت على ذكرهما في كتابي بغداديات الجزء الاول ص19
البرجم --
حالت المودة الوافدة حديثا دون التمتع بمنظر الكصابي الجميل واتاحت لمقص الحلاقة ان يجتث الشعر الى حد
ود الرقبة لتقوم الماكنة الصغيرة بعدذلك بحلاقة ماتبقى منه فوق الرقبة اسوة بما يصنع الحلاق عند حلاقة شعر الرجل وعلى هذة العملية اطلق البغداديون اسم (البرجم)ومع البرجم ساد اسلوب تجعيد الشعر بين الشابات واصبح مألوفا ان تحتفظ كل فتاة بألة حديد لتجعيد الشعر تشبه المقص تماما(فير )مقبضها من الخشب لوقاية اليج من الحرارة يوضف القسم الاول منه في المنقلة بين الجمر حتى اذا اصبح كاويا باعتدال حصرت الفتاة خصلة من شعرها بين ذراعي الالة الحديد وتلف الشعر عليهما وتتركه هكذا حتى يبرد المقص وعندئذ تعيد العملية نفسها ....الى ان تاتي على شعرها خصلة خصلة وبذلك تطمئن الى انه قد تكسر وهذا الواقع شجع على انتشار صالونات التجميل في بغداد وغيرها من مدن العراق ,واصبحت الفتنة والجاذبية مناط التسريحة الانيقة بعد ان كانت المرأة تتباهى بكصايبها لتحث الخطابات على التغني بجمال الكصايب في معرض اظهار جمال المخطوبة:(عيني اشلون طول ...اتكولين ناكه...اشلون شعر عبالك كلبدون وكل كصيبه هالمتن ....ومن تكنس كصايبها تكنس وراها ).وقد ذكرت الامهات الكصايب عند ترقيص اطفالهن بقولهن :
البنيه ماحلاها
كصايبها وراها
اجه الخطاب يخطبها
وابوها مانطاها
كما ذكرت في الغناء الشعبي البغدادي فقيل
يابو كراميل يابو كرميل ......يابو سبع كسرات ........يابو كراميل
واعتاد البغداديون قبل اليوم على اطالة شعور الاولاد حتى بلوغهم السابعة من العمر .وقد يضفرن لهم الكصايب على طراز (النخيله)المضفورة للبنات ولكنهم يحلقونه بعدئذ في سلمان باك ايفاء بنذر قطعوه على انفسهم
التجميل الاســـبوعي --
وفيه تجلس المرأة البغدادية بين يدي الحفافه لاستئصال الشعر من الوجه واليدين والساقين تمهيدا للذهاب الى حمامها الذي اعتادت التردد عليه مبكرو وهناك تضع الحنة على شعررأسها وتبدأ بغسل وجهها بالكرصه او الشنان وتحجر قدميها بالحجارة وتجيس جسمها وبعد ان يلكط شعرها تغسل الحناء منه وتبدأغسيلها بالليفة والصابون الركي ولاتبرح الحمام الاعند اصفرار الشمس
واذا وجدتني على هذا الاندفاع في تفصيل ما ينبغي للمرأة من زينة وتجميل فلان المرأة قد جبلت على الغرام بالفتنة والولوع بالزينة , واني وجميع القراء معي ندرك ان قوام الزينة النظافة من الوسخ والرائحة المستكرهة وبغير ذلك لن تكون المرأة ابهج شيء في الحياة فضلا عن ان الله سبحانه وتعالى خلق المرأة لتشعرنا معنى الحياة برقتها وكمالها
صحـــة الشـــعر
تقوم المرأة البغدادية صونا لشعرها من السقوط بغسله يوميا بالماء الحار والصابون الركي (ابو الهيل )او مرتين في الاسبوع على الاقل داخل الحمام وقد تضع على راسها مايسمى ب(طين خاوه) قيل استعمال الصابةن تنعيما للشعر بعد ازالة الكشره وقد تستعمل الحنة لتقوية الشعر وازالة الكرطيفه منه وتحسين لونه والتي غزا الشيب راسها تصبغ شعرها بأضافة الوسمه الى الحنة وتثبيتا للصبغ يضاف الى الحنة قشور الرمان او الخل او القهوة (مقلاة ومسحونة).اللائى يحول الوقت دون ذهابهن الى الحمام مرتين بالاسبوع يكتفين بكطف الرأس فقط لان قذارة الشعر تطفئ لمعانه وبريقه وربما ادت الى سقوطه او جعلته مرتعا للقمل
ويوجد القمل غالبا في رؤوس الاطفال والصبايا نتيجة الاهمال وينتقل بين المقمول وغير المقمول في الكتاتيب وخلال اللعب في الطرقات
ويكافح القمل بتطهير الشعر من القمل والصواب بالتكييد وملخصه:ان تلف الام خيطا من الصوف الابيض بين اسنان المشط وتأخذ ضغيرها تامقمول الى السطح العالي تحت الشمس الساطعة ليظهر الصواب واضحا لماعا وهناك تمشط شعره عدة مرات لتفصل القمل والصواب عن مكمنه ثم تحرق الخيط الذي تعلق به القمل وبيوضه لتبدله بخيط اخر نظيف وبعد ان تتأكد (المكيده)من نظافة الشعر تبدأ بتلويث مفارق الشعر بالزئبق او النفط الابيض عدة مرات بقطعة صغيرة من القماش وتتركه في الشمس لحظات تغسله بعدها غسلا جيدا بالماء الحار والصابون
واذا كان القمل او الصئبان كثير العدد فانه لايستأصل الا بحلاقة شعر المقمول ذكرا كان ام انثى بماكنة نمره(صفر)او بالموس وغسله بعد ذلك غسلا جيدا بالماء الحار والصابون
اما اذا كان الصبي نظيفا وقد لاحظت امه انه يحك رأسه حكا غير طبيعي فانها تشتبه بوجود قملة غريبة في شعررأسه وعندئذ تنيمه في حضنها لتفليشعره حتى اذا عثرت على قملة قصعتها بين ظفرى ابهامها وهي تصوت بين الشفة والاسنان تشفيا بمصرع القملة وتلك عادة بغدادية المع اليها الجاحظ في كتابه (الحيوان )بقوله: ان نساء العوام يعجبهن صوت قصع القمل على الاظفار وقد عزز هذا الرأى بقوله (رايت مرة انا وجعفر بن سعيد بقالا في العتيقة واذا امرأته جالسة بين يديه وزجها يحدتها وهي تفلى جيبها -الطوق من القميص ونحوه-وقد جمعت بين باطن ابهامها وسبابتها عدة قمل فوضعتها على ظفر ابهامها الايسر ثم قلبت عليها ظفرها الايمن فشدختها به فسمعت لها قرقعة فقلت لجعفر: لها لذة في هذه القرقعة والمباشرة ابلغ عندها في اللذة ) قلت :فما تكره مكان زوجها ؟قال:لولا ان زوجها يعجب بذلك لنهاها
هذا ولاطفال البغداديين اهزوجة تتألف من سؤال وجوابه كانوا يهتفون بها خلال العابهم في الدرابين فهم يتساءلون:
أهل الجنه اشياكلون؟ ويجيبون انفسهم :يمن وبلاو
ويتساءلون ايضا
اهل النار اشياكلون ؟ وجوابهم : كمل وصواب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق